top of page

القومية العربية… البداية و النهاية

تاريخ التحديث: ١٢ يوليو ٢٠٢٢

الرئيس جمال عبد الناصر والدول العربية

مكانش يخطر على بال اللبناني "جرجي الزيدان" سنة 1892 و هو بيكتب مقالاته في مجلة الهلال عن وحدة الشعب العربي ان نظريته هتبقى ايديولوجية رسمية تتبناها حكومات وشعوب لـ 140 سنة قدام ويزيدوا. من هنا كانت بداية.. القومية العربية


الولادة الصعبة:


جرجي الزيدان قال في مقالاته ان الشعوب من المحيط الأطلسي للخليج العربي هم أُمة واحدة وشعب واحد لديهم ضمير قومي واحد وذاكرة وطنية واحدة.


جرجي الزيدان بردو كان مؤمن ان تاريخ العرب قبل الاسلام مهم زي تاريخهم بعد الاسلام وإن دة تاريخ الشعوب الناطقة بالعربية كلها.


يخلص دور جرجي الزيدان هنا ويبدأ دور الشريف حسين شريف مكة اللي استقبل افكار القومية العربية من الشوام المسيحيين المقيمين في مصر وحولها من نظرية على ورق لمشروع سياسي عملي.


بدأ الشريف حسين التواصل مع بريطانيا بغرض الحصول على دعمهم عشان يعمل ثورة ضد العثمانيين وبالفعل بدأت بريطانيا بدعم الثوار في الجزيرة العربية حتى سقوط الدولة العثمانية وتأسيس ممالك العراق والأردن وسوريا تحت حكم بني هاشم وانتداب بريطاني و فرنسي لكن لم يتحدوا في دولة واحدة زي ما الشريف حسين و ابنه عبد الله كانوا عايزين، ووعد بلفور خلى مسألة الوحدة أصعب لأن فلسطين والقدس جزء اساسي من الدولة العربية الواحدة.


بعيداً عن الشام نروح لمصر اللي كانت مركز لصُحُف لبنانية وسورية بتحاول تعمل دعاية للقومية العربية ولكن القومية المصرية وقتها كانت هي المسيطرة على الشارع المصري لدرجة ان العروبي السوري ساطع الحصري لما زار مصر في 1931 قال:


وجدت ان المصريين ليس لديهم أي ميول عربية. انهم يرفضون تماماً ان مصر جزء من بلاد العرب، ولا يعترفون أن الشعب المصري جزء من الأُمة العربية

رفض مصر والمصريين للقومية العربية كان مشكلة كبيرة بالنسبة للقوميين العرب لحد تأسيس جامعة الدول العربية في القاهرة اللي رفضها كل المفكرين المصريين وقتها.


وطني حبيبي الوطن الأكبر:


بعدها بسنة تم تأسيس حزب البعث في سوريا اللي تبنى الاشتراكية والعلمانية والقومية العربية كايديولوجية للحزب وبسرعة انتشرت البعثية للعراق. لكن الحدث الأهم يمكن في تاريخ القومية العربية كله كان ثورة يوليو 1952 في مصر لما تنظيم الظباط الأحرار وصلوا لحكم مصر وتبني عبد الناصر للقومية العربية.


الحدث ده فتح الباب للقومية العربية للإنتشار في شمال افريقيا ومساندة عبد الناصر لحركات التحرر ساعد على انتشارها خصوصاً ان فرنسا كانت لسة محتلة الجزائر و تونس وده خلق شعور بالتضامن بين الشعوب الناطقة بالعربية.


في خلال سنين قليلة، اصبحت القومية العربية هي الفِكر المهيمن من المُحيط للخليج و كانت مصر الزعيم الأوحد للعروبة ومن زعماء العالم الثالث.


ناصر القوي و الخليج الخائف:


من أكبر التحديات أمام القومية العربية كانت الحفاظ على تماسك القوميين العرب ووحدتهم، لأن بعد تاسيس الجمهورية العربية المتحدة في 1958 العراق والأردن أسسوا الفيدرالية العربية لمواجهة النفوذ الناصري اللي كان في ذروته بعد العدوان الثُلاثي.


بعدها بدأت مرحلة معروفة بإسم الحرب العربية الباردة اللي كانت مواجهة باردة بين الخليج والأُردن والمغرب المدعومين من الغرب و مصر والشام وشمال افريقيا المدعومين من الإتحاد السوفييتي. الصراع دة أنهك الدول "العربية" اقتصادياً وسياسياً فمثلاً مصر أنفقت معظم إحتياطاتها من الدهب على حرب اليمن لدعم اليمن الشمالي ضد اليمن الجنوبي المدعوم من السعودية والغرب. وفي سوريا حصل انقلابات كتير و كان بيحصل مظاهرات و احتجاجات في الأردن تطالب بإسقاط الملكية وتأسيس جمهورية على المنهج الناصري، أما في العراق فحزب البعث كان كل شوية ينقلب على نفسه وصولاً لصدام حسين وأحمد حسن البكر.


نكتشف ان الصف العربي عمره ما كان موحد وكانت كلمة "عرب" مجرد اسم اطلقوه على نفسهم بغرض ان كل دولة تفرض هيمنتها على المنطقة.

النكسة و الحقيقة المُرة:


فضلت القومية العربية على حالها من اواخر الخمسينات لحد النكسة، الدول العربية مقسومة في صراع دائم لقيادة الدول العربية بين قومية ناصر و البعث العلمانيين الاشتراكيين والخليج والمغرب الموالين للغرب، ومحاولات الوحدة كلها فشلت. جائت النكسة وكانت صدمة للدول "العربية" كلهم وواجهت الشعوب بالحقيقة أن القومية العربية عاشت على كاريزما عبد الناصر والشِعارات وجمعهم مساندة الفلسطينيين، مش ثقافتهم ولا لغتهم ولا حتى عندهم تاريخ واحد.


انكشفت الحقيقة المُرة امام عبد الناصر نبي العروبة إن العرب اعتمدوا كلهم على ان مصر مستعدة تضحي و لو بمليون شهيد. اتغيرت لهجة عبد الناصر و بقت "مصر أولاً" و لكن فضل التوجه عربي بشكل عام.


التغيير في توجه عبد الناصر أدى لإنحسار دعم العروبة في البلاد "العربية" و حِلم ناصر بالوحدة بقى امر صعب بل حتى غير مقبول عند ناس كتير.


بدأ عبد الناصر مرحلة من اعادة العلاقات الطبيعية مع عرب الخليج بعد انتهاء الحرب العربية الباردة. من اسباب انحسار القومية العربية وخصوصاً مشروع الوِحدة العربية كانت الإنقسامات الطائفية داخل الدول العربية وجرد أقليات عرقية كتير لا يعترفوا انهم عرب.


صعود الاسلام السياسي:


انحسار القومية العربية فتح الباب للإسلام السياسي للصعود بعد سنين من القمع تحت حكم الأنظمة الاشتراكية العلمانية. ساهم في نشر الاسلام السياسي انتشار معتنقي فِكر الاخوان في العالم الاسلامي خصوصاً افكار سيد قطب مع دعم سعودي لجماعات الاسلام السياسي في العالم.


الضربة الكُيرى للقومية العربية وباقي القوميات في العالم الاسلامي كانت الحرب الأفغانية لأن بعض الحُكام زي السادات والملك فهد مثلاً استغلوا الحرب لكسب شعبية في الداخل من خلال اطلاق الجماعات المتأسلمة، والنتيجة كانت انتشار التطرف في المجتمع المصري اللي بنعاني من مصائبه لحد النهاردة.


و دي كانت نهاية القومية العربية، نهاية لا نتمناها للقومية المصرية.

٧٦ مشاهدة٠ تعليق

منشورات ذات صلة

عرض الكل

Comments


تابع كل مقالتنا في Google News
دلوقتي علشان توصلك كل جديد

أقرا أيضا

bottom of page