top of page
  • صورة الكاتبقومي

الملك تحتمس التالت ... الامبراطور الأعظم

تاريخ التحديث: ١٤ يوليو ٢٠٢٢


الملك المصري تحتمس التالت

التعريف بالملك :

تحتمس الثالث (1425 ق.م.) سادس فراعنة الأسرة الثامنة عشر، ويعتبر أعظم حكام مصر وأحد أقوى الأباطرة في التاريخ، حيث أسس إمبراطورية مصرية حديثة في ذلك الوقت. ظلت تلك الأمبراطورية حتى نحو عام 1070 قبل الميلاد حتى عهد رمسيس الحادي عشر.


تزوج والده تحتمس الثاني من أخته حتشبسوت ولم ينجب منها فتزوج بأخرى وأنجب منها تحتمس الثالث. توفى تحتمس الثاني في عام 1479 ق.م. تاركا العرش لابنه تحتمس الثالث، الذي لم يكن عمره قد تجاوز السادسة.


وقامت حتشبسوت، وهي عمته وزوجة أبيه في آن واحد، بتنصيب نفسها وصية على عرش الملك الصغير تحتمس الثالث. وبعد عامين، نصبت نفسها ملكة للعرش، وحكمت لمدة عشرين عاما. بعد ذلك اختفت، واعتلى تحتمس الثالث عرش والده في عام 1455 ق.م.


كان تحتمس الثالث يتمتع بسمات شخصية خارقة وعبقرية عسكرية ليس لها مثيل تدرب تحتمس في ساحات المعارك في الأقصر. وقد اكسبته هذه التدريبات صلابة في شخصيته وخبرات عسكرية عظيمة في الوقت الذي كانت تحكم فيه حتشبسوت. واهتم بالجيش وجعله نظاميا وزوده بالفرسان والعربات الحربية، كما في عهده أتقن المصريون القدماء بفضله صناعة النبال والأسهم التي أصبحت ذات نفاذية خارقة يعترف بها مؤرخو العصر الحديث.


وتظهر لنا تماثيل تحتمس الثالث هذا الشاب المفتول العضلات وقد امتلك مقومات المناضل والقائد، إذ في الوقت الذي كانت تحكم فيه حتشبسوت فكانت تتبع سياسة سلمية مع مناطق النفوذ المصري في فلسطين والنوبة ومع جيرانها، وكانت تهتم بالبحرية وترسل الحملات البحرية إلى بلاد بونت وإلى سواحل لبنان للتبادل التجاري، انتهزت بعض المحميات في سوريا والميتاني للتمرد على حكم المصريين ومعاداتهم. وبمجرد أن اعتلى تحتمس الثالث العرش بعد وفاة حتسبسوت كان لا بد وان يعيد السيطرة المصرية على تلك الحركات المعادية تأمينا لحدود البلاد.


تلك التبعات جعلته ملكا محاربا أسطوريا قام بستة عشرة حملة عسكرية على آسيا (منطقة سورية وفلسطين) استطاع ان يثبّت نفوذه هناك كما ثبت نفوذ مصر حتى بلاد النوبة جنوباً.


وقد كان أمير مدينة قادش في سوريا يتزعم حلفا من أمراء البلاد الأسيوية في الشام ضد مصر وصل عددهم إلى ثلاثة وعشرين جيشا وكان من المتوقع أن يدعم تحتمس الثالث دفاعاته وقواته على الحدود المصرية قرب سيناء إلا أن تحتمس قرر الذهاب بجيوشه الضخمة لمواجهة هذه الجيوش في أراضيهم ضمن خطة توسيع الامبراطورية المصرية إلى أقصى حدود ممكنة وتأمين الحدود ضد جيوش المتحرشين.


بعض حملاته العسكرية


معركة مجدو:


في المرحلة الأولى تصدى تحتمس الثالث للأخطار التي كانت تحتاج الى حلول عاجلة وملحة. ففي العام 22 او 23 من حكمه شن حملة عسكرية استطاع من خلالها اعادة فتح بلاد رتنو. فبدأ مسيرته من شرق الدلتا وصعد إلى غزة متجها إلى يحم (وهي بلدة إيما حاليا، وتقع جنوب جبل الكرمل). ثم وصل الى سهل مجدو بجيشه 100000 جندي حتى وصل إلى شمال فلسطين، وسار في طريق ضيق حتى يفاجئ العدو منه، ثم نزل سهل مجدو، فحاصرها تحتمس الثالث، ولم يعد إلى مصر إلا بعد أن أعاد النظام والاستقرار إلى جنوب سوريا. يقول أحد المؤرخين عن قوة مصر في زمن الملك تحتمس الثالث:


"لا توجد هناك قوة في بلاد الشرق الأدنى تستطيع أن تواجه الجيش المصرى الذى نال تدريباً عسكرياً ممتازاً، وفاز بقيادة ملك عبقرى هو فرعون مصر العظيم …".

وعندئذ استطاع أن يواصل سيره الى صور. وفي الطريق اليها استولى على مدن ينوعمو ونوجس (نهاسة جنوب حلب) ومهرنكارو. وهكذا نجح في تحطيم الجاح الغربي للتحالف المعادي ثم اخذ يتقدم صوب المرافئ التقليدية التي تطل مصر من خلالها على البحر المتوسط.


حروب تشاهي وقادش:


من العام التاسع والعشرين إلى العام الثاني والثلاثين هاجم تحتمس الثالث تشاهي وقادش. وفي البداية عمل على تأمين الواجهة المطلة على البحر، فاستولى على مدينة أولازا عند مصب نهر البارد التي كانت في قبضة أمير تونيب المتحالف مع قادش ونهارين. كما استولى على أرداتا الواقعة على مسافة بضعة كيلو مترات جنوب غرب طرابلس. وبعد أن اجتاحت القوات المصرية منطقة أرداتا وأتلفت محاصيل وبساتين فاكهة استولت على جاهي التي أسبغت عليها النصوص أوصافا جعلت منها كابوا سوريا الشرق:


"عندئذ اكتشف جلالته أشجار سائر بلاد جاهي مثقلة بما تحمله من ثمار. وأخيرا اكتشف النبيذ وهو يفيض كالماء من معاصرهم. والقمح جمعوه في البيادر في كميات تجاوزت حبات رمال الشاطيء. وأخذ الجيش منها كفايته".

وبقيام الحملة السادسة في العام التالي وصل المصريون إلى سوريا عن طريق البحر ثم واصلوا السير حتى وصلوا قادش فاجتاحوها هي والمناطق المحيطة بها. ثم ارتدوا ثانية صوب الشاطئ وأخذوا بعد ذلك يتقدمون نحو سيميرا الواقعة شمال مصب النهر الكبير لينقضوا فيما بعد على أرداتا التي كانت قد تمردت على الحكم المصري على ما يبدو خلال هذه الفترة. وتجنبا لقيام ثورات أخرى تبنى تحتمس الثالث سياسة نقلتها عنه روما فيما بعد.


فقرر أن يرافقه الى بلاط مصر ستة وثلاثون من أبناء زعماء البلاد المفتوحة كرهائي. وأمر بتربيتهم تربية مصرية قبل أن يعيدهم إلى بلادهم ليخلفوا أباءهم. ومع ذلك لم تصل عملية إقرار السلام إلى منتهاها. فقد قاد الملك في العام التالي حملة سابعة ضد أولازا، وفي أعقاب استسلام أولازا خضعت الموانئ الفينيقية وأمن الملك ما يصلها من إمدادات من مناطق البلاد الداخلية ليحول دون انقلاب الأوضاع من جديد.


وبعد عودته إلى مصر استقبل وفدا حضر من بلد آسيوي – لم يتم التحقق من اسمه – لتقديم فروض الولاء والطاعة لمليك مصر.


وحتى الآن كانت الحوليات تكتفي بسرد المعارك التي دارت رحاها في مناطق سوريا وفلسطين. وفي العام الحادي والثلاثين أشارت الحوليات للمرة الأولى إلى الجزية التي سلمتها كوش وواوات.


واستمر ظهور هذين الاسمين حتى العام الثامن والثلاثين من حكمه، ولكنهما ترددا فيما بعد بشكل متقطع دون أن يعني ذلك بالفعل ظهور القلاقل أو الاضطرابات. وسوف يكتفي تحتمس الثالث بشن حملة واحدة قرب نهاية حكمه في العام الخمسين للوصول بحدود الامبراطورية حتى الجندل الرابع حيث بسطت مصر نفوذها من قبل. وبالفعل ترجع أقدم وثيقة معروفة من جبل البركل إلى العام السابع والأربعين من حكم تحتمس الثالث.


جولات كنعان وسوريا


ودخلت الحروب الآسيوية طورا جديدا في العالم الثالث والثلاثين بوقوع صدام مباشر مع الميتاني. وكان نهر الفرات يعترض الطريق اليهم ويحميهم، فهو حاجز طبيعي لابد من اختراقه للوصول إليهم.


ووصل المصريون إلى قطنة أي إلى مدينة مشرفة الواقعة شرقي نهر العاصي واحتلوها، ثم واصلوا سيرهم متجهين إلى نهر الفرات، فعبره تحتمس الثالث وأقام لوحا تذكاريا الى جانب اللوح الذي أقامه جده، ثم صعد شمالا. وأتى على الاخضر واليابس في المنطقة الواقعة جنوب قرقميش. وهزم جماعة معادية وعبر ثانية إلى الغرب.


ثم عاد أدراجه ألى نهر العاصي عند مستوى مدينة ني التي سترسم من الآن فصاعدا الحدود الشمالية للنفوذ المصري، اذ كانت مدينة حلب تعتبر من مواقع الميتاني المحصنة. وفي هذه الأصقاع خرج في رحلة لصيد الفيل، شأنه في ذلك دون ريب شأن جده تحتمس الأول.


ثم عاد إلى مصر بعد أن أمن إمداد الموانئ الفينيقية بالمؤن، وهو الأمر الذي سيداوم عليه هند خروج كل حملة. وفي نفس هذا العام دفع الرتنو الجزية، الى جانب الجزية التي قدمها كل من خضعوا له من الناحية النظرية في أعقاب عبوره نهر الفرات وهم أهل بابل وأشور والحيثيون.


وكرست الحملات التسع التالية لمحاولات اخضاع قوات الميتاني في نهارين. وفي العام الرابع والثلاثين من حكمه وأثناء حملته التاسعة سحق تحتمس الثالث ثورة جاهي واستوى على نوجس. واضطر إلى العودة الى المنطقة في العام التالي، لمواجهة تحالف ميتاني جديد شمال غرب حلب، وربما استطاع أن يحقق نجاحا أكبر من الذي أحرزه في العام السابق اذ نرى الحيثيين مضطرين إلى دفع الجزية.


أما قصة حملتي السنتين التاليتين فقد فقدتا، ويحتمل أنهما لم تحسما الأوضاع ولم تفعلا أكثر مما فعلته الحملات السابقة. واضطر الجيش المصري أن يغير على منطقة نوجس، وعندئذ انضم الألاخ إلى زمرة الشعوب التي تدفع الجزية، وأصبح أمير حلب لا يسيطر إلى على أملاكه فحسب.


وفي العام التالي اقتصرت أعمال تحتمس الثالث العسكرية على سحق ثورة البدو الخاسو. ولم يشن حملة جديدة إلا في العام 42، عندما قام بحملته السادسة عشرة والأخيرة ضد جاهي، حيث أخذت الإمارات الفينيقية تنحاز من جديد إلى جانب الميتاني ، فاستولى على ميناء أركاتو على مقربة من طرابلس، واجتاح تونيب. ثم زحف على منطقة قادش واستولى على ثلاث مدن وأجهز على فريق ميتاني قوي. ووضع هذا النصر حدا للمنازعات بين مصر والميتاني لمدة عشر سنوات، فكان له أصداء ملموسة، وفرض على مدينة أدنا وهي احدى.


حجم امبراطوريته:


وصلت حدود مصر في عهد تحتمس الثالث إلى الفرات شرقا وإلى ليبيا غربا وإلى سواحل فينيقيا شمالا و جنوبا إلى الجندل الرابع أو الشلال الرابع.


خريطة امبراطوريه تحتمس التالت - المصدر:Encyclopedia Britannica
خريطة امبراطوريه تحتمس التالت - المصدر:Encyclopedia Britannica

استدعى تحتمس الثالث أبناء أمراء الأقاليم الآسيوية إلى مصر، ليعلمهم بها العادات والتقاليد المصرية، ويثقفهم الثقافة المصرية، ويغرس في نفوسهم حب مصر، حتى إذا ما عادوا إلى بلادهم وتولوا مقاليد الحكم فيها، اصبحوا من أتباعه المخلصين. وقد دفعته أبحاثه في المحفوظات المقدسة إلى إعادة نسخ بعض النصوص الدينية العتيقة "مثل متون الأهرام" ، وكذلك إلى صياغة تراتيل وطقوس جديدة استمرت مستخدمة حتى العصر اليوناني الروماني.


وكان لهذه السياسة الحكيمة أثرها في تماسك الإمبراطورية المصرية ونشر الثقافة المصرية. أيضاً اهتم تحتمس الثالث بإنشاء أسطول حربى قوى، استطاع به أن يبسط سيطرته على الكثير من جزر البحر المتوسط وساحل فينيقيا.


تشويه لاثار حتشبسوت:


لم يعترف تحتمس الثالث بحكم هذة الملكة فقام بمحو الخراطيش التي تحوي اسم حتشبسوت وأحل مكانها الخراطيش الخاصة باسمه أو باسم كل من أبيه الملك تحتمس الثاني وجده تحتمس الأول، وجعل تواريخه التى تدون بها آثاره تبدا بالسنة الاولى التى نصب فيها فرعونا لمصر عندما اعلنه الإله رع ووالده تحتمس الثانى ملكا شرعيا على عرش مصر.


وفاته:


مات تحتمس وعمره 82 سنة بعد أن حكم أربعة وخمسين عاما، ودفن في مقبرة بوادي الملوك كان قد أعدها لنفسه وهى المقبرة رقم 34 ، حيث يعد من أوائل الملوك الذين بنوا مقابر لأنفسهم في وادى الملوك، وقد أكتشفت مقبرته في عام 1898 على يد العالم فيكتور لوريت ووجد المقبرة قد تعرضت للنهب ولم تكن بها المومياء التى عثر عليها في الدير البحري عام 1881.

منشورات ذات صلة

عرض الكل

תגובות


تابع كل مقالتنا في Google News
دلوقتي علشان توصلك كل جديد

أقرا أيضا

bottom of page