top of page
  • صورة الكاتبقومي

هل الحضارة المصرية حضارة مقابر وأموات فقط كما يروّج بعض المُهرّجين فعلاً؟




كتابة: ناصر سعد

القول الجاهلي عند بعض المتعصّبين عن الحضارة المصرية، وتحجيمها على أنّها كانت مجرد حضارة أموات ومقابر فقط، هو قول حرفيّاً لا ينمّ الا عن جهل مفرط، أو تعصب شعبوي، أو تعصب تخصّصي، فالحضارة المصرية تركت آثاراً وصروحاً معمارية عظيمة لا مثيل لها في أيّ مكان آخر على وجه هذه الأرض، مما جعلتها محط أنظار العالم أجمع، في السياحة، أو الأعمال الدرامية، والسينمائية، ولن تجد ابداً حضارة وثقافة قديمة تنال الإهتمام الكافي والعجيب الذي تتمتّع به حضارة مصر القديمة، فلا عجب ابداً أن نجد بعض النفوس المريضة التي تُسّخر أغلب وقتها في محاولة الاستهزاء والسخرية من الحضارة المصرية القديمة، بدلاً من تسخير وقتهم هذا في نشر معلومات لها أهمية عن حضارتهم، فما هذا الا حرمان، ونقصان، فما تتمتّع به الحضارة المصرية من اهتمام العلماء والمنتجين والمخرجين والسينمائيّين والأدباء، لا تتمتّع به حضارة لبلد آخر، فنجدهم بسبب غيرتهم وحقدهم، يدّعون جهلاً ان الحضارة المصرية حضارة مقابر وأموات فقط، بل ويحاولون إظهار أهم عيوبها (الغير شائعة) لمحاولة إظهارها كحضارة سيّئة، وبلا بلا بلا، وتصرّفات طفولية، نضحك عليها


لكن حقّاً كما يدّعون جهلاً وحقداً منهم، أن الحضارة المصرية القديمة حضارة مقابر وأموات؟ لنرى إذاً ذلك، ولنخرس تلك الالسنة المُهرّجة.

فالحضارة التي خرج منها أوّل ملك في تاريخ البشرية يعمل على توحيد ممالك متحاربة لتأسيس أول دولة (مركزية) في تاربخ العالم، وهو الملك نعرمر (مينا)، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي ذكرت لأول مرة في التاريخ البشري منصب الوزير، وتوثيقة على صلاية الملك نعرمر، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي خرج منها أول مهندس معماري مذكور في التاريخ، وهو المهندس والطبيب إمحوتب، مُشيّد أوّل بناء حجري هندسي في تاريخ البشرية، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي خرجت منها أول طبيبة معروفة في تاريخ العالم، وهي الطبيبة بسشيت، والتي لُقّبت بمشرفة الأطباء، وأوّل طبيب للأسنان مذكور في التاريخ وهو حسي رع، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي خرج منها أول اسطول حربي في التاريخ، بقيادة القائد وني في عهد الملك بيبي، بالطبع لن تكون حضارة اموات ومقابر فقط.


فالحضارة التي خرج منها أول ملك وقائد وامبراطور في التاريخ يشنّ حملات عسكرية ويضم أراضي من قارة أخرى، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي لم تعتدي ابداً في تاريخها على أيّ شعب ودولة أخرى، ما لم تعلن العداء لها، ولم تدمر ولم تحرق ولم تهجّر شعوب المدن والدول الأخرى كما كانت تفعل الجيوش القديمة، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي عرفت الانسانية وأخلاق الحروب عكس باقي الأمم القديمة، حيث وصف القائد المصري اخلاقيات الجيش المصري، فقال القـائد وني:


«عاد الجيش في سلام، عاد الجيش، ولم يدمر، ولم يـحرق، ولم يـنهب جنودي خبز أية مدينة، ولم يستولى أحد منهم من أي شخص على عنزة واحدة»

بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي لم يقتل ملكها وهو تحتمس الثالث ملوك المدن والممالك المعادية له بعد انتصاره عليهم، بل وتركهم على حُكم بلادهم بالرغـم من تمـرّدهم عليـه، وفاز بولائهم، بدون أن يقتـلهم حتّى، أو يقوم بتهجيرهم، أو يُدمّر مدنهم، كما كان يفعل ملوك الأمم القديمة، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي قدّرت من شأن المرأه، ولم يظلمها القانون كما حال الأمم القديمة، والتي تباهى دائماً ملوكها وعوامها بزوجاتهم، وتوثيق احترامهم لهم في نصوصهم، وتصويرهم معهم في التماثيل، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.

- فالحضارة التي عرفت مرض السرطان وقامت بتوثيقه في بردية أدوين سميث، كأول ذكر للسرطان في التاريخ، وقاموا باختراع معجون الاسنان في نفس البردية، لحرصهم على نظافتهم الشخصية، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي عرفت وأتقنت عِلم حساب المثلثات منذ بناء هرم زوسر المدرج والمهندس إمحوتب، وتوثيقها في بردية موسكو الرياضية، والتي تعتبر أقدم وثيقة معروفة ومؤرّخة بدقة عن أقدمية حساب المثلثات، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة والشعب الذي قام ببناء الأهرامات العظيمة، بل والمسلات المصرية التي تُزين ميادين الدول الأجنبية حالياً، فهرم خوفو هو العجيبة الوحيدة المتبقية من عجائب الدنيا السبع القديمة التي لا دليل واحد على وجود معظمهم، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي أبدعت في علم الري، منذ عام 3200 قبل الميلاد من على صولجان الملك عقرب، وقامت بتدشين سدّ الكفرة، وسدّ اللاهون، الذي يعدّ اقدم سد في التاريخ ما زال يعمل بكفاءة حتى اليوم، وقاموا بمعجزة هندسية، بانشائهم قناة سيزوستريس، وربطوا البحر الأحمر بالبحر المتوسّط عن طريق نهر النيل، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي كانت تهتم بالعِلم والتعليم والكتابة والنسخ، لدرجة أن يطلقوا على اسم مدرستهم پر عنخ = بيت الحياة، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي صدّرت للعالم صناعة الورق (ورق البردي)، كأول شعب في التاريخ يصنع الورق، كدلالة على الرقي الحضاري وسهولة التدوين، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي استطاعت معرفة الوقت وعدد الساعات، كأول شعب في العالم يعرف ذلك، بالطبع لن تكون حضارة مقابر واموات فقط


فالحضارة التي خرج منها أقدم فيلسوف في التاريخ، وهو بتاح حتب الذي قال:


«لا تحتقر الرجل الفقير الذي يتحدث، لأنه أقل منك، فدعه وشأنه، ولا تحرجه، ولا تصبّ عليه جام غضبك، فتظلمه، فإن الظلم ليس من شيمة الكرام»

بالطبع لن تكون حضارة مقابر واموات فقط.


فالحضارة التي تقوم بتوثيق وكتابة موسوعة طبية لأمراض النساء والتوليد، ومعرفة نوع الجنين قبل الولادة، من خلال بردية كاهون، كسابقة علمية من ناحية الاهتمام في التاريخ البشري، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي وصف الشاعر الاغريقي هوميروس أطباءها في ملحمتيّ الأوديسة والإلياذة عن حرب طروادة:


«أنّ رجال المهن الطبية في مصر كانوا على أعلى درجة من الذكاء لم يصل إلى مثيلها شعب من البشر»

بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي وصفها الملك الآشوري أسرحدّون عظمتها وإبداعها حينما دخلها في نصوصه:


«لقد رأيت فيها أشياء لا مثيل لها في آشور، ومِمّا أبدعت في صناعته»

ونقل منها أطباء وبيطريّين وموسيقيّين وحرفيّين وكَتَبة للإستفادة منهما في بلاد آشور، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة والشعب الوحيد في زمانه الذي عرف الخِتان والطهارة، كدلالة على نظافتهم وطهارتهم، عكس باقي الامم القديمة، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي تمتـلك أقـدم قطعه منـسوجة باقيـة في التاريخ مـنذ حوالي 7000 سـنة في متحف جامعة لندن، والتي تمتلك أقدم قميص منسوج باقي في تاريخ البشرية، وهو قميص طراخان الموجود في متحف بيتري حالياً الذي يرجع عمره أكثر من 5000 سنة، كدلالة على أنّهم أول من عرفوا النسيج، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي امتلكت أقدم مركز للترجمة في تاريخ العالم القديم، وعرفوا لغات الشعوب القديمة المعاصرة لهم من بلاد ما بين النهرين، والشام، وجُزر بحر إيجة، وبلاد النوبة، وليبيا، والحيثيّين، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي حاول ملوك بابل، وميتاني، وحاتي، وبلاد الشام بالتودد إلى مصر، وارسال بناتهم واخواتهم للزواج من ملوك مصر، لكسب تحالف ملوك مصر، باعتبارها أعظم قوى عسكرية من النصف الأخير من الالفية الثانية قبل الميلاد، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي تمتلك أقدم وثيقة في تاريخ البشرية عن جلسة قضائية في عام 2300 قبل الميلاد، وأقدم ذكر في التاريخ عن حلف اليمين الذي ما زال يتبع حتى اليوم في المحاكم، وهي بردية برلين (Berlin 9010)، بالطبع لن تكون حصارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة (للتأكيد حرصاً على جهل البعض: الحضارة) التي تمتلك أقدم أدلة أركيولوجية عن صناعة السفن والقوارب في التاريخ منذ 6000 سنة، ومنتشرة في متاحف عديدة عالمية كمتحف المتروبوليتان على سبيل المثال، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة النظامية التي صدّرت للعالم نظام تسجيل حضور وغياب العمال والموظفين عن العمل، وذكر اسباب التغيّب عن العمل، كدلالة ضد مشوّهين التاريخ الذين قالوا ان ملوك مصر قاموا باستعباد شعبهم بالسوط، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي تمتلك أقدم أركيولوچية معروفة وموثّقة في تاريخ العالم بحسب العلماء عن الكتابة، والتي ترجع إلى عام 3320 قبل الميلاد، ويأتي بعدهم أقدم دليل يشير إلى الكتابة من بلاد ما بين النهرين إلى 3200 قبل الميلاد بحسب علماء الخط المسماري، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي تمتلك أقدم نصوص الأبجدية المعروفة في التاريخ وهي الأبجدية السينائية-الهيروغليفية، والتي يرجع أقدم نص لها إلى عام (1900 قبل الميلاد)، وهو نصّ وادي الحول في صعيد مصر، وهو السلف المباشر والرئيسي أيضاً للأبجدية الفينيقية، ومعظم أبجديات العالم الحديث والقديم والمنقرضة بحسب علماء الاثار، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي تعلّم بها فيثاغورس لمدة 22 سنة بإجماع كل مؤرخين الاغريق والرومان، ودرس بها الرياضيات والفلك والفلسفة العقائدية في الحياة والموت والتي نقلها إلى بلاده كما ذكر أفلاطون وبلوتارخ، بل وخضع للختان ليتم قبوله بالتعلّم في مصر، وقال عنه الكاتب الاغريقي أنتيفون، أنه الأجنبي الوحيد الذي تم السماح له بتعلم اللغة والكتابة المصرية، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي اخترعت تقويم الأسنان ونقلته لاحقاً بلاد فينيقيا وشعوب جزر بحر إيجة إلى بلادهم، والتي كانت تربطهم بمصر علاقات وثيقة، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي أذهلت العلماء باكتشافهم لأول وأقدم طرف صناعي للقدم في تاريخ البشرية كسابقة علمية لا مثيل لها، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فبينما كانت كل بلاد العالم القديم عبارة عن مدن وممالك فقط متحاربة ومتنازعة على نفس ذات الأرض، كانت مصر عبارة عن دولة مركزية يحكمها ملك واحد من الجنوب إلى غربها وشرقها، ولها وزراء، وحكام أقاليم تابعين للملك، ولم يعرف كل شعوب العالم القديم باستثناء مصر التوحيد على الأرجح الا بعد مصر بحوالي 7 قرون تقريباً، والتي سرعان أيضاً ما انفضت وحدتهم، بينما مصر بقيت على وحدتها في كل عصورها القديمة، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالبلد التي هاجر إليها النبي يوسف ويعقوب بسبب القحط، وعاش وتربّى فيها النبي موسى، وهاجرت إليها السيدة مريم والمسيح للحماية في أرض مصر، دوناً عن غيرها من سائر البلدان، الأقرب ثقافيّاً لهم، وكرّمها الله في القرآن:


«ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين»

بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالبلد التي يتم تصنيفها سنوياً انها من أوائل أفضل بلاد العالم التي يحب السائحين زيارة معالمها الأثرية المعمارية العظيمة لجمال معمارها القديم، وآثارها الفريدة والمبهرة، بالطبع لن تكون مجرد حضارة مقابر وأمـوات فقط، الا في نظر المتعصبين والحقودين فقط، الذين لا يمتلكون ربع ما تمتلكه مصر من آثار مذهله تبهر العالم أجمع.


فالحضارة العظيمة التي ارتقت بعلومها المُذهلة، وقد عرف شعبها تقطيع الحجر والنحت عليه، والبناء به، وكانت شعوب العالم آنذاك لا تزال تعتمد على البناء بالطين، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة التي اعترف بفضلها الفيلسوف الاغريقي الشهير أفلاطون:


«ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه من مصر»

بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.


فالحضارة والبلد العظيمة التي وصفها المؤرخ الاغريقي الشهير هيرودوت في كتابه: «أنها إذا ما قورنت ببلد آخر لتفوّقت عليها»، بالطبع لن تكون حضارة مقابر وأموات فقط.

.

الآن وبعد آلاف السنين، يخرج علينا بعض المتعصبين لبلدهم محاولين التسخيف والتقليل من الحضارة المصرية العظيمة بأساليب طفولية تنم فقط عن الحقد، والنقصان، والحرمان، محاولين تحجيم الحضارة المصرية بسبب عظمتها انها فقط حضارة اموات، وبالطبع لا حرج في هذه الغوغائية، كما ذكرنا الحرمان والنقصان الذي لا يرونه لديهم مثلما يرونه بالحضارة المصرية، واهتمام العالم بها، في الاعمال السينمائية والدرامية والوثائقية، فتجد بعض تعليقاتهم تقول:


«لماذا العالم يهتم بتاريخ مصر، ولا يهتم بتاريخنا»

الإجابة بكل بساطة، لانها أجمل وأعظم حضارة في العالم! الرومان والاغريق نفسهم يدركون هذا الأمر، فصروحها المعمارية والأثرية كافية للرد.


الجميع له الحق بالتحدث عن جمال وعظمة حضارته، لكن بدون محاولات ساذجة من المهرجين الذين يحاولون فقط التسخيف من قيمة وتراث مصر القديمة، فشئـت ام أبيت، صدق المؤرخ الاغريقي هيرودوت حينما قال عن مصر منذ آلاف السنين: «أنّ أرض مصر إذا ما قورنت ببلد آخر، لتفوّقت عليها» - نقطة.

٢٢ مشاهدة٠ تعليق

منشورات ذات صلة

عرض الكل

Comments


تابع كل مقالتنا في Google News
دلوقتي علشان توصلك كل جديد

أقرا أيضا

bottom of page